دراسات عديدة تتحدث عن تحوّل في شغف البحث، وتغير في أصول الإعلام. التحديات كبيرة وفعّالة والتطبيقات مستمرة ومتنافسة، دع عنك الذكاء الاصطناعي، والصرعات التالية، وإنما ثمة دراسات صارمة خلاصتها تحوّل الجيل الجديد من البحث في «جوجل» إلى البحث عن طريق «التيك توك».

الإعلام صناعة متحوّلة ومستمرة في تغيراتها ونقاشاتها. الآن انطلقت موجة «البودكاست» كبديل عن البرامج الاعتيادية. على سبيل المثال الزلزال المغربي أو الحدث الليبي، كلها موضوعات راهنة، لكن من يشاهد التغطيات هذه؟! كلها تغطيات وظيفية من دون مشاهدات تذكر. الناس تبحث عن الحدث من خلال التطبيقات بأضعاف أضعاف مشاهدة الحدث عبر القنوات، لقد انتهت أفكار إعلامية كثيرة وشارفت على الانقراض، نعم الإعلام، والصحافة، والثقافة لها أسسها الصلبة الباقية، ولكن الصناعة تتغيّر وتحرّكها رمال التقنية وعواصف الحداثات.

قبل أيام أجرى حمد الكعبي، رئيس تحرير جريدة «الاتحاد»، مقابلةً مع سمو الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان، «رئيس المكتب الوطني للإعلام»، أكد فيها القيم الأصلية في الاستراتيجية الإعلامية، بقوله: «الهوية الوطنية والقيم الأصيلة التي ورثناها عن القادة المؤسسين ومنهجهم في القيادة والبناء والتنمية... مسؤوليتنا اليوم نقل هذه الصورة للعالم وسرد هويتنا وقصة نجاحنا ورسائلنا الحضارية وأهدافنا التنموية وتطلعاتنا نحو المستقبل، لذلك فإن مساهمة الجميع في صناعة مستقبل الإعلام الإماراتي وتطوير أدواته وتأهيل كوادره وتعزيز كفاءته، مطلب أساسي في المرحلة المقبلة.. والركيزة الأساسية التي ستساعدنا في بلوغ أهدافنا». أرى شخصياً ضرورة التأثير على المؤثرين، ثمة مؤثرون لهم دورهم الإيجابي ويقومون بتغطيات سياحية، وأخرى أخلاقية، أو ثقافية، أو تاريخية، وهذا متميز، وعليه فإن التأثير على بقيتهم يكون عن طريق الاستراتيجية الإعلامية المحترفة. يضيف سمو الشيخ زايد بن حمدان: «المؤثرون أصبحوا اليوم لاعبين أساسيين في المشهد الإعلامي على المستوى العالمي، في دولة الإمارات هناك مؤثرون لديهم محتوى إيجابي ونوعي وهادف، ونعتقد أن تحليل المشهد الإعلامي للمؤثرين أصبح أمراً مُلحّاً للوقوف على أهم المحاور التي يمكن أن توظف شعبية المؤثرين، وتعزز حضورهم وقدرتهم على تقديم رسائل إيجابية تنفع أفراد المجتمع والوطن، ورسالتي لهم: أن المصداقية والتخصص هما طريقهم الحقيقي ليكونوا مؤثرين حقيقيين وناجحين وفاعلين في خدمة مجتمعهم ووطنهم وقضاياه».

كتبت فتحية الدخاخني تقريرها مفتتحةً بسؤال: هل يُنافس «تيك توك» «جوجل» على عرش محركات البحث؟، أجابت: «فقد أشارت الدراسات الأخيرة إلى أن 40 في المائة من (جيل زد) يستخدم الآن موقعَي (تيك توك) و(إنستغرام) في عمليات البحث، الأمر الذي أثار الجدل أخيراً حول ما إذا كانت التطبيقات الجديدة ستهز عرش (جوجل)»، هذا بينما أعرب بعض خبراء الإعلام الرقمي عن (منطقية) هذه النتائج، في ظل جيل جديد تجذبه الصورة والفيديو. وتوقعوا أن تشهد الفترة المقبلة تغييرات سريعة في طريقة البحث على «الإنترنت» وأسلوبه لتواكب متطلبات «جيلَي زد وألفا»».

الخلاصة أن الإعلام يمر بتحديات وصعوبات، الحدث الذي كان ينتظر تغطيته الناس على الشاشات، توفر بشكلٍ أسرع عبر التطبيقات، تغطية الحدث عبر الوسائط صار أكثر حداثةً من تغطيته عن طريق الوسيلة، إنه انتقال شديد الأهمية ولابد من درسه والتعامل معه بشكلٍ جدي عبر عمل مؤسسي.

*كاتب سعودي